بدء باسل خرطبيل بصنع نماذج ثلاثية الأبعاد مصورة لمنطقة “تدمر” ذات الآثار القديمة، كان أمله أن يحافظ على أهم الكنوز الأثرية السورية.

بعد مرور عشر سنوات من بداية مشروعه، نجد باسل حاليا معتقل من قبل نظام الأسد ، وآثار تدمر تهدم تدريجيا على يد داعش والآن يأمل أصحاب باسل و زملائة النشطاء أن تنقذ النماذج ثلاثية الأبعاد ليست سورية فحسب بل باسل أيضا.

في يوم الأربعاء، مجموعة من الناشطين على الانترنت ، أُمناء الأرشيفات و علماء الآثار سينشرون أول مجموعة من الملفات من “مشروع تدمر الجديد” وهي مجموعة من النماذج ثلاثية الأبعاد المصورة على شكل المدينة التي وجدت في القرن الأول من الميلاد.

بنيت النماذج تلك على صور مأخوذة من قِبل باسل في سلسلة من الرحلات الى المناطق الأثرية التي بدأها في سنة ٢٠٠٥ تقول المجموعة المذكورة سابقا أن النماذج المصنوع بواسطة برنامج 'مايا' قابلة للتصور عن طريق الأنترنت او المشي من خلالها عن Oculus-style walkthroughs او حتى طباعة نسخ مصغرة بطابعات ثلاثية الأبعاد 3D printing.

تدعو المجموعة أي شخص لديه معلومات عن منطقة تدمر أن يشاركها في مستودعهم الألكتروني آملين أن يعيدوا بناء مجسم أكثر دقة للمدينة الأثرية. موعد نشر المجموعة لمشروعهم يأتي في وقت خطر على كل من منطقة تدمر و باسل قادم من الجهات المختلفة للحرب الأهلية السورية باسل خرطبيل هو كاتب مدونات و مبرمج و مساهم في موقع ويكيبيديا، سوري من أصل فلسطيني و هو ايضا مبتكر "Aiki Lab "معمل الهاكر الدمشقي.

اعتٌقل بلا مبرر في شوارع عاصمة سورية و سٌجن في بداية عام ٢٠١٢. بعد تسعة أشهر نُقل إلى سجن (عدرا) بجانب دمشق، المعروف باكتظاظه ، حتى الآن ، وبعد مرور ثلاث سنوات لا يزال باسل معتقل من قبل النظام السوري .

ولكنها تظل حاليا تحت سيطرة داعش منذ شهر آذار وفقا لمنظمة UNESCO منطقة تدمر تعتبر منطقة أثرية عالمية.

قتل المتطرفين الإرهابيين السكان، و دمروا مجموعة من معالم المنطقة الأثرية التي لا تقدر بثمن، باعتبارهم أنها أوثان مخالفة للدين.

في بداية هذا الشهر حدث تفجير تلقى الكثير من الإنتباه، تم فيه هدم (أقواس النصر) وهو بناء يبلغ من العمر ألفين عام، عن طريق المتطرفين الارهابيين.

يريد مشروع تدمر الجديد ان يعيد بناء تلك المعالم إفتراضياً بسبب تحطيمها في الواقع، وبفعل ذلك، يطمح المشروع أن يجلب الإنتباه لصانعه على أمل ان يقوم نظام الأسد بإطلاق سراحه.

يقول مخرج المشروع باري ثاو و مبتكر البرنامج الأركيولوجي أوبسكورا ديجيتال “نريد أن نوضح أهمية باسل و منافعه للشعب السوري و الحكومة السورية ايضا كما قال " نريد أن نسلط الضوء على دور باسل في البناء الثقافي في سورية، ونتمنى ان يحث المفهوم هذا على إطلاق سراحه"

ولكن في الواقع، زاد وضع باسل سوءا في الأسابيع الماضية: في بداية أوكتوبر نُقل من سجن عدرا إلى سجن مجهول. تظن زوجة باسل، نورا غازي المحامية المتخصصة في حقوق الإنسان، انه نقل على يد الجيش السوري و انه قد يواجه تهمات في محكمة عسكرية سرية. اعطى باسل خاتم زواجه لسجين آخر ليحافظ عليه. تلك إشارة لنظرته التشائمية لا يعرف بالتحديد لماذا اعتقل النظام السوري باسل و لكن يقول دانى أوبرايان، الناشط في مؤسسة الحدود الإلكترونية ان النظام السوري لديه شك و خوف من حركة المعلومات الحرة و الأنترنت المفتوح و أي شحص لديه متابعة عالية فيه.

على الأرجح أن باسل، ذو الأصل الفلسطيني، اعتُقل لانتقاده لنظام الأسد على تويتر و متابعته للوضع السوري و تحديثه في ويكيبيديا و مدونته الشخصية. يقول أوبرايان إنه "قد يصعب تبرير لرئيس امن في دولة مثل سورية أهمية نشر المعلومات بلا قيود لمصلحة الإنسانية”

يضل أوبرايان متفائلا بأن الانتباه الخارجي لحالة باسل قد ينقذه.

قد يكون سبب انتقال باسل إلى سجن عدرا الأكثر أمانا هو المظاهرات و الإعتراضات في أول الشهور ضد حبسه في سجن سري. حينها إستطاعت زوجته بزيارته و مجموعات حقوق الإنسان إستطاعوا ان يتابعوا حالته. يأمل أوبرايان أن حركات المعارضه مثل توقيع عريضة لصالحه أو الإتصال بالسفارة السورية، ليس فقط من قبل الأمريكيين بل من دول أكثر تأثيرا على سوريا مثل روسيا او فينزويلا قد يضغط على نظام الأسد لاطلاق سراح باسل. يقول أوبرايان “الشيء الذي يبقي الأشخاص في موقف باسل حي، حر و بصحة جيدة هو إنتباه العالم.

أما إنقاذ تدمر فيبدو مستحيلا، على الأقل في هيئتها الملموسة. منذ سيطرتهم على المنطقة، بعثوا داعش فيها الدمار و الخراب. إنها منطقة مليئة بالآثار القديمة التي تعود للحضارة الرومانية والسامية التي حافضت على شكلها بسبب المناخ الصحراوي الجاف.

استخدم المتطرفين الإسلاميين المنطقة كقاعدة عسكرية و أعدموا فيها عشرات المواطنين و احتجزوا ظباط النظام السوري. كما انهم حطموا و دمروا أو حتى باعوا الآثار التي لا تتوافق مع نظرتهم الرجعية للإسلام .

يقول عمر العظم، بروفيسور سوري لمادة التاريخ في جامعة ولاية شاوني “داعش يبيعون ما يستطيعون و يدمرون ما لا يستطيعون ليبينوا سلطتهم التي لا حدود لها” يعمل ايضا البروفيسور عمر كمرشد لمشروع تدمر الجديد و يقول “هذا فعل يبعث رسالة قوية للغرب كما يشجع ناصروا داعش في المنطقة”

في الشهرين الماضيين، فجروا داعش معابد (بل) و (بال شمين)، اثنان من أقدم المباني في تدمر، و مؤخرا فجروا أقواس النصر التي بنيت من قبل اليونانيون للإحتفال بالإنتصار على الفرس.

عندما سُئِل عالِم الآثر المشهور الأستاذ خالد الأسعد ذو ٨٢ سنة أن يقود داعش إلى الآثار المخفية، رفض فعل ذلك ثم قُتل على يد داعش و عُلقت جثته المشوهة من إحدا عواميد المبنى.

ليست مجموعة مشروع تدمر الجديد المجموعة الوحيدة التي تحاول أن تصنح نماذج رقمية لإنقاذ كنوز الشرق الأوسط من قبضة داعش.

قامت مؤسسة أوكسفورد الرقمي بإطلاق قاعدة معلومات مليئة بالملايين من الصور و ترغب ان ترسل كاميرات ثلاثية الأبعاد بأسعار منخفضة للناشطين في سورية لتصوير و توثيق المعالم التي لم تدمر من قبل داعش.

مشروع آخر يأتي من اللاربحية التي تستخدم تكنولوجيا النسخ باللايزر لصنع نماذج دقيقة من الآثار المهددة “CyArk”مجموعة يعترف باري ثاو أن صور باسل ليست بكامل الدقة و أن النماذج التي عملت عليها مشروع دمر الجديد تميل إلى الفن و ليس العلم. ولكن نظرا إلى تدمير داعش في آخر شهرين، قد يجوز أن النماذج التي تعمل عليها المجموعة قد وثقت معالم فقدت في التاريخ. يقول شاو “ هذا المشروع يتمحور حول تحويل التحطيم الذي فعلته داعش إلى إعادة بناء في المساحة الإفتراضية” و يزيد على ذلك “إنها محاولة لإعادة إحياء هذه الحضارة بأساليب رقمية ولكن ثاو لا ينكر حقيقة أن نماذج تدمر تستخدم أيضا لإنقاذ باسل خرطبيل. يقول “ نريد أن نسلط الضوء على حالة باسل، بتسليط الضوء على العمل اللذي فعله لسورية، نريد إطلاق سراح باسل و نؤمن أن هذه هي أفضل طريقة”

For questions, please email [email protected]

Creative Commons License This work is released under CC0